جعجعة بلا .. علم!

جعجعة بلا .. علم!

في عالم الـ IT، هناك قاعدة ذهبية لا تحتاج إلى توثيق رسمي ولا شهادة معتمدة، لكنها صحيحة أكثر من أي بروتوكول قياسي: كلما ارتفع صوت الشخص، كلما قلّت معلوماته.

إذا دخلت اجتماعًا تقنيًا أو نقاشًا في تويتر، ووجدت شخصًا يتحدث بثقة مطلقة عن “أفضل ممارسات هندسة الأنظمة السحابية المتقدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة”، ويرمي بمصطلحات مثل “High Availability Scalable Distributed Systems with Kubernetes on Multi-Cloud Environments while Leveraging AI and Blockchain”… فاعلم أنه غالبًا لم يضبط حتى إعدادات الـ Wi-Fi في بيته دون البحث في جوجل.

أما أصحاب المعرفة الحقيقية؟ فهم هادئون، مقتضبون، لا يحتاجون لإثبات شيء لأحد، وعندما يسألهم أحد عن حل لمشكلة برمجية، لا يعطونك محاضرة عن “Quantum Computing and Future DevOps Impacts”، بل يختصرون الجواب بـ: “جربها بنفسك وشوف”، ثم يعودون لكتابة كود معقد حلّ فيه 20 مشكلة دفعة واحدة، دون أن يشعر أحد بوجودهم.

إنجازات LinkedIn الوهمية 🤡

هؤلاء الذين يرفعون أصواتهم في الاجتماعات، هم غالبًا نفسهم الذين ينشرون إنجازاتهم الوهمية على LinkedIn و تويتر، ويجعلونك تعتقد أنهم يديرون شركة بحجم جوجل من غرف نومهم.

• شخص قضى شهرًا في دورة HTML & CSS، ثم كتب: “بعد سنوات من العمل الشاق في مجال الـ Frontend، قررت مشاركة تجربتي معكم!”

• آخر قام بكتابة سكريبت صغير بـ Python يقوم بقراءة ملف JSON، ثم كتب: “رحلتي الطويلة مع الذكاء الاصطناعي علمتني الكثير عن البيانات الضخمة وتحليلها.”

• وثالث حصل على شارة في Udemy ثم نشر: “اليوم أكملت مرحلة مهمة في مسيرتي العلمية، رحلة لم تكن سهلة ولكنها مليئة بالتحديات!”

يا صديقي، تعلمنا منذ الصغر أن من يسهر الليالي هو من يحصد النجاح، لكن في عالم التقنية، من يسهر الليالي هو من يكتب كودًا حقيقيًا، وليس من يملأ الإنترنت بخرافات عن “رحلته العظيمة” التي لم تتجاوز كورسًا مجانيًا.

حين تصطدم بـ “فيلسوف الـ IT”

إذا وجدت نفسك في نقاش مع شخص يرفع صوته ويتحدث بثقة زائدة عن اللازم، فتذكر القاعدة السحرية: كلما زاد الصوت، قلّت المعرفة. لا تتعب نفسك بمحاولة إقناعه، فقط اطرح عليه سؤالًا بسيطًا مثل:

“طيب، ممكن تعطيني مثال عملي على اللي قلته؟”

“هل عندك Source Code أو وثائق رسمية تثبت كلامك؟”

“هل جربت تطبيق هذا الشيء بنفسك؟”

وفي 99% من الحالات، ستجد أن الإجابة تبدأ بـ: “شوف، الفكرة مو بالتطبيق، الفكرة بالمبدأ”… وعندها، فقط ابتسم وانسحب بهدوء، لأنك قد وقعت في شباك “فيلسوف الـ IT” الذي لديه كل الحلول النظرية، لكنه لم يكتب سطر كود صالح للتشغيل في حياته.

الخاتمة: البرمجة هدوء، والصراخ جهل

في عالم التقنية، لا أحد يهتم بمدى صخبك، ولا بعدد البوستات الملهمة التي تنشرها. الإنجازات الحقيقية تُقاس بالكود الذي يعمل، بالأنظمة التي لا تنهار، بالمشاكل التي تُحل دون استعراض.

لا تكن الشخص الذي يتحدث كثيرًا ولا يفعل شيئًا. كن الشخص الذي ينجز، ويترك إنجازه يتحدث عنه. لأن العالم لا يحتاج إلى مزيد من المتكلمين، بل إلى مزيد من الذين يجعلون الأمور تعمل. 🚀