حطام نفسي ومقاومة
لا أحد يخبرك أن بعض المعارك ليست عادلة، أنك ستُجبر على القتال وأنت بلا سلاح، وأن الحياة لن تنتظرك حتى تلتقط أنفاسك. لا أحد يخبرك أن بعض الأيام ستأتيك كأنها حرب استنزاف، لا تكتفي بأخذ قوتك، بل تُجرّدك من نفسك.
أنا هنا، بين الجدران التي حفظت ضعفي، بين الأيام التي تتكرر بنفس الألم، بين المرض الذي لا يرحم، وبين مسؤوليات لم تتوقف لأنني سقطت. بين عائلة لا تفهم، وأصدقاء لا يشعرون، وعمل يطالب بالمزيد، وكأنني لم أُستنزف بما يكفي.
كيف تشرح لهم؟ كيف تُخبرهم أنك تُقاوم وأنت بالكاد تستطيع الوقوف؟ أن كل شيء حولك ينهار، وأنك تعيد بناء نفسك بيدين مرتجفتين؟ كيف تُخبرهم أن أقوى ما تملكه الآن ليس صمودك، بل أنك ما زلت هنا رغم كل شيء؟
أنا لا أنتظر تفهّمًا، ولا تعاطفًا، ولا حتى يدًا تمتد لتُمسك بي. كل ما أريده هو لحظة صمت، لحظة لا أكون فيها مضطرًا لشرح ما لا يُشرح. لحظة لا يُطلب مني فيها أن أكون بخير، لأنني لست كذلك.
لكن رغم كل هذا… رغم الحطام الذي أصبحت عليه، هناك في داخلي جزء صغير يرفض أن ينكسر بالكامل. جزء لم أعد أعرف إن كان قوة أم مجرد وهم، لكنه يُبقي عيني مفتوحة حين أريد أن أغلقها إلى الأبد. جزء يهمس لي كل ليلة: “ما زلت هنا، وهذا يكفي.”