بين الحياة والغياب.. حرب لم أخترها

بين الحياة والغياب.. حرب لم أخترها

مرات تمر بنا أشياء لا يمكن وصفها، لا لأن الكلمات تعجز، بل لأنها تفقد معناها حين نحاول حصرها بين السطور. أشياء تجتاحنا كالعواصف، تأخذ منا أكثر مما نتصور، تترك فينا ندوبًا لا تُرى، لكنها تُشعر. أشياء تجعلنا نختفي، ليس بالضرورة عن الأنظار، بل عن أنفسنا.

لقد مررت بشيء لم يكن يشبه الأيام المعتادة، لم يكن أزمة عابرة، ولا مجرد محطة صعبة على طريق الحياة. كان شيئًا مختلفًا، شيئًا لم أكن مهيأً له، لم أكن مستعدًا لخوضه، لكنه جاء.. بكل ثقله، بكل قسوته، بكل أسئلته التي لا إجابة لها. كان معركة حقيقية، بين البقاء والذهاب، بين أن أعيش أو لا أعيش.

لا أستطيع أن أصف كيف تمر بك الأيام حين تصبح الخيارات محدودة، حين يكون كل شيء حولك مختلفًا، حين تتغير الأولويات، حين تتلاشى بعض الأحلام، وتولد أخرى لم تفكر بها من قبل. حين يصبح الصباح مجرد استراحة بين ليالٍ ثقيلة، وحين تفقد الكلمات بريقها لأن ما بداخلك لا يمكن التعبير عنه بسهولة.

كان هناك خوف، لكنه لم يكن كأي خوف عرفته. كان هناك تعب، لكنه لم يكن مجرد إرهاق عابر. كان هناك انتظار، لكنه لم يكن انتظار شيء مألوف. كنت بين كل هذا.. أحاول أن أفهم، أن أتماسك، أن أجد في داخلي شيئًا يستحق أن أتشبث به.

ثم، بطريقة ما، بدأت أعبر. لا أعلم كيف، ولا متى تحديدًا بدأ الضوء يتسلل من جديد، لكنني أشعر به الآن، خافتًا أحيانًا، قويًا أحيانًا، لكنه موجود. أنا هنا، أكتب هذه الكلمات، وما زلت أمضي، خطوة بعد أخرى، ببطء أحيانًا، بثبات أحيانًا، لكنني أمضي.

لكنني أعلم يقينًا أن ما حملني وسط هذه العاصفة لم يكن قوتي وحدي، بل كانت رحمة الله التي أحاطتني، كانت ألطافه الخفية التي ظهرت في وجوه من حولي، في الكلمات التي سمعتها في لحظات الانكسار، في الأمل الذي ينبض رغم كل شيء. ربما ظننت في لحظة ما أنني وحدي، لكنني لم أكن كذلك أبدًا، فقد كانت يد الله أقرب، وكانت رحمته أعظم مما تخيلت.

هذه ليست نهاية القصة، بل فصل جديد لم أكتبه بعد. ما زال الطريق أمامي، وما زالت الحياة تعطيني إشارات صغيرة لأكمل، لأستمر، لأجد بين كل هذا شيئًا يستحق العيش لأجله.

“رُبما لم أختر الرحلة، لكنني اخترت أن أواصل السير. وما دام في القلب نبض، فثمة طريق يستحق أن يُسلك.” 🚶🏻‍♂️✨