بين بيتين… رجل يحاول ألا ينكسر

بين بيتين… رجل يحاول ألا ينكسر

هناك صراعات لا تُرى، لا تُكتب في الروايات، ولا تُحكى في المجالس. صراعات تحدث في الداخل، في القلب والعقل، بين صوت الواجب وصوت الذات، بين ما يفرضه عليك الواقع وما تحتاجه أنت فعلًا.

أنا بين بيتين…
بين عالمين…
بين التزام لا ينتهي، واحتياج لا يُسمع.

بين بيتٍ وبيت… بين واجبٍ وواجب

في بيتي الأول، هناك من ينتظرني بعاطفة كان يُفترض أن تكون سندي، لكنها تحوّلت إلى حمل ثقيل على كتفي. التوقعات لا تنتهي، المطالب لا تهدأ، وكأن ما مررت به لم يكن كافيًا، وكأنني يجب أن أكون دائمًا حاضرًا، قويًا، جاهزًا للعطاء، حتى عندما لا يكون في يدي شيء لأقدمه.

وفي بيتي الثاني، هناك من يحتاجني بحجم الحياة كلها، طفل يناديني ببراءة لا تعرف معنى الصراع، وامرأة اختارت أن تبقى بجانبي رغم كل شيء. في هذا البيت، لستُ المطلوب دائمًا، ولستُ المُلام على كل شيء، لكنني أيضًا لستُ الحاضر كما أريد أن أكون. لأن بيني وبين الاستقرار ألف عاصفة، ألف التزام، ألف يد تمتد إليّ تطالبني بالمزيد.

أن تكون ممزقًا بين الجميع، لكن لا أحد يشعر بك

الناس يرونك رجلًا، والرجال لا يُرهقون، لا يُتعبون، لا يشتكون.
أنت الابن الذي يجب أن يكون هناك، الزوج الذي يجب أن يكون مسؤولًا، الأب الذي يجب أن يكون حاضرًا.

لكن من أنا بعيدًا عن كل هذه الألقاب؟ أين أنا في المعادلة؟

أحيانًا، أشعر وكأنني لست شخصًا، بل مجرد جسر يعبر فوقه الجميع للوصول إلى ما يريدون.

• هذا يحتاج منك وقتًا…
• هذا يحتاج منك تضحية…
• هذا ينتظر منك موقفًا…

وأنت؟ لا أحد يسأل ماذا تحتاج.

التعب الذي لا يفهمه أحد

أنا لا أطلب المستحيل، لا أبحث عن معجزة، لا أريد أكثر مما يستحقه أي إنسان.
أريد فقط أن لا أشعر أنني أُحاكم يوميًا لأنني لا أستطيع أن أكون في مكانين بنفس الوقت، أنني لا أستطيع أن أقسم نفسي نصفين دون أن أفقدها بالكامل.

• هل يمكن لأحد أن يفهم أنني أحاول؟
• هل يمكن لأحد أن يرى أنني لا أريد أن أُقصّر، لكنني لم أعد أملك الكثير؟
• هل يمكن لأحد أن يُدرك أنني لم أعد كما كنت، أن الحياة فعلت بي الكثير، وأنني رغم كل شيء، ما زلت أحاول أن أبقى واقفًا؟

لكنني لن أنكسر

مهما كان الثقل، مهما زاد الضغط، مهما طال الصراع…
سأبقى أحاول.
ليس لأنني لا أشعر بالتعب، ولكن لأنني أعرف أنني لن أسمح لنفسي بالسقوط.
لأنني أعرف أنني أقاتل من أجل شيء يستحق، من أجل بيت اخترت بناءه، من أجل حياة لا أريد أن أكون فيها مجرد ظل لإنسان كان.

قد أكون موزعًا بين عالمين، قد أشعر أنني ممزق بين بيتين، لكنني في النهاية… سأجد طريقي، كما أفعل دائمًا.

“ليس الصعب أن تكون قويًا أمام الجميع، الصعب أن تكون قويًا عندما لا يرى أحد كم أنت مُنهك.”